استكشف أسرار نواعير حماة: عجائب هندسية تحكي قصصاً قديمة

نواعير حماة (بالإنجليزية: Hama Noria Water) هي مجموعة من الآلات المائية التي تدور بقوة المياه والمصممة من الخشب بهدف نقل المياه من ضفة إلى أخرى أو بهدف توزيع المياه على الأراضي والبساتين والبيوت الموجودة على أطراف نهر العاصي في مدينة حماة عن طريق صناديق ومنها إلى قنوات الري. ونهر العاصي هو نهر ينبع من سهل البقاع في لبنان ليمر في سوريا بعدة مدن سورية أهمها حمص وحماة وادلب، ثم يتابع مجراه حتى يصل إلى خليج السويدية ومنه يصب في البحر المتوسط.

أهمية نواعير حماة :

تنبع أهمية نواعير حماة من كونها ساهمت على مر التاريخ بالاقتصاد الزراعي فهي تعتبر وسيلة بدائية مبتكرة من وسائل الري وذلك ساعد القطاع الزراعي في مدينة حماة على النهوض مبكراً في العصور الاسلامية الوسطى وما بعدها. وإن كانت اليوم هذه النواعير ليست ذات أهمية اقتصادية بسبب تقدم وسائل الري إلا أنها تعتبر واحدة من أهم المعالم السياحية في مدينة حماة وفي سوريا بشكل عام. وقد كانت تعود على سوريا بإرث سياحي كبير قبل اندلاع ثورة 2011، وذلك من خلال زيارة الأفواج السياحية والطلابية لها بشكل مستمر لرؤية عظمة هذا الصرح الحموي ولدراسة حركة المياه من خلالها. كما أن نواعير حماة تمتاز بأهمية تاريخية كبيرة، وقد أجريت عليها العديد من الأبحاث التاريخية المتعلقة بالآثار.

تاريخ نواعير حماة:

كما ذكرنا آنفاً فإن نواعير حماة تحمل أهمية تاريخية كبيرة، حتى أُطلق على مدينة حماة اسم "مدينة النواعير" تيمّناً بها إلى جانب تسميتها بـ"مدينة أبي الفداء" نسبةً إلى ملكها المؤرخ اسماعيل بن علي بن محمود أبو الفداء.
حصلت نواعير حماة على العديد من جوائز التراث العالمي فدخلت عام 1999م في مواقع التراث العالمي التابعة لليونيسكو. وحصلت على لقب "أروع النواعير على الإطلاق"، حيث أن النواعير تنتشر في بلدان عربية كثيرة وفي بعض الدول الأوروبية وعلى رأسها اسبانيا، ولكن كان هذا اللقب من نصيب نواعير حماة.
ذكر الرحالة الشهير ابن بطوطة مدينة حماة ونواعيرها بقوله: «تحفها البساتين والجنات عليها النواعير كالأفلاك الدائرات ويشقها النهر العظيم المسمى بالعاصي ولها ربض سمي بالمنصورية أعظم من المدينة فيه الأسواق الحافلة والحمامات الحسان». أما ملك حماة أبو الفداء فيقول واصفاً المدينة ونواعير حماة: «حماة من الشام مدينة أزلية وهي من أنزه البلاد الشامية... وبها نواعير على العاصي تسقي أكثر بساتينها ويدخل منها الماء إلى كثير من دورها».

متى بنيت نواعير حماة؟

لا يوجد وثائق تتعلق بتاريخ محدد حول بناء النواعير، ولكن بعض السجلات تؤكد أنها بنيت في فترات متفاوتة. وقد تم العثور في مدينة "أفاميا" الأثرية القريبة من مدينة حماة على لوح فسيفسائي نٌقشت عليه رسمة ناعورة، وهذا اللوح يعود للقرن الخامس الميلادي.
رغم ذلك فإن بعض المؤرخين يؤكدون أن النواعير كانت موجودة منذ العهد الآرامي في الألفية الأولى قبل الميلاد. وإن كثرت الأقوال حول تاريخ بناء النواعير إلا أن الناعورة الأكبر والأضخم وهي ناعورة "المحمدية" (الناعورة الذهبية) هي التي حظيت بالتكهنات الأكبر حيث ذكرها الشيخ "أحمد الصابوني" في كتابه "تاريخ حماة" قائلاً: «في باب النهر ناعورة كبيرة جداً تسمى المحمدية. أنشئت هذه الناعورة الكبيرة المباركة والقوام لإيصال الماء إلى الجامع الأعلى في أيام مولانا المقر الأشراف السيفي وكان كافل المملكة الحموية في سلخ ثلاث وستين وسبعمئة». ليرد عليه لاحقاً المؤرخ "راشد الكيلاني" بأن "ناعورة المحمدية" قد أعيد بناؤها وتاريخ إعادة البناء كان سنة 763هـ/1361م فيقول: «تقع في منطقة باب النهر وهي أكبر النواعير يبلغ قطرها /21/ متراً، وعدد صناديقها /120/ صندوقاً، وقد أعيد بناؤها أيام "ابن عبد الله" كافل المملكة الحموية، في العهد المملوكي عام /763/هـ، وهي تمدّ بمياهها حيّ المدينة والبساتين المجاورة والجامع الكبير وحمّام الذهب، ويقال أن اسمها كان الناعورة الذهبية». وابن عبد الله الذي ذكره راشد الكيلاني هو أيدمير بن عبد الله الشيخي التركي كافل المملكة الحموية في العهد المملوكي في سنة البناء أو سنة إعادة البناء.

أسماء نواعير حماة :

تنقسم نواعير حماة إلى عدة مجموعات وهي: مجموعة تقع عند مدخل مدينة حماة وهي أربع نواعير البشريتان والعثمانيتان، وتُعرف هذه المجموعة بمجموعة البشريات. المجموعة الثانية تُعرف باسم مجموعة باب النهر وهي مكونة من ناعورتين وهما المحمدية والقاق. المجموعة الثالثة تتكون من أربع نواعير أيضاً، وأسماء هذه النواعير؛ الناعورة الجسرية والعثمانية والمأمورية والمؤيدية، وتُعرف هذه المجموعة بمجموعة الجسريات. أما النواعير المتبقية فتنقسم إلى مجموعتين؛ الكيلانيات ومجموعة شمال القلعة، وتحتوي على: النافورة الجعبرية والطوافرة والكيلانية (مجموعة الكيلانيات)، والخضر والدوالك والدهشة (مجموعة شمال القلعة).

كم عدد نواعير مدينة حماة؟

تناقلت الكتب والوثائق التي تتحدث عن نواعير حماة أن عددها يقرب من المئة ناعورة في المدينة وعلى أطرافها، أما ما نعلمه اليوم فإن النواعير يبلغ عددها 17 ناعورة ضمن المدينة وتعمل بشكل سليم، أشهرها ناعورة المحمدية وناعورة الجسرية.


ختاماً فإن زيارتكم لنواعير مدينة حماة ستكون واحدة من أجمل محطاتكم السياحية لأن الجزء الكبير من جمال المدينة ينبع من وجود النواعير فيها، وبالمقابل فإن جمال النواعير ينبع من وجودها في مدينة حماة، فهي "الأغنية التي لا نهاية لها، ومن يسمعها مرة فإنه بالتأكيد سيعود من جديد إلى حماة ليسمعها مرةً أخرى" حسبما اختتمت إحدى المجلات التشيكية تقريرها عن نواعير حماة. ناهيك عن لطافة وكرم ونُبل أهل هذه المدينة، الأمر الذي يُضفي طابعاً حسناً لدى كل من زارها وزار نواعيرها.
باب مكة المدينة القديمة في أنطاليا (كاليتشي) مدينة فاسيليس الأثرية في أنطاليا مدينة سمهرم الحي الثقافي كتارا مدينة الزبارة الأثرية ضريح السلطان عثمان غازي مدينة البليد الأثرية مدينة سايدرا القديمة مجمع المرادية مقبرة بقيع الغرقد الضريح الأخضر صهريج البازليك صهريج ثيوديوسيوس بوابة براندنبورغ
Booking.com

أماكن مشابهة لنواعير حماة